المغرب يتألق كضيف شرف في مهرجان باريس للكتاب 2025: جسور ثقافية تمتد بين الضفتين

الكلمة بريس11 أبريل 2025آخر تحديث :
المغرب يتألق كضيف شرف في مهرجان باريس للكتاب 2025: جسور ثقافية تمتد بين الضفتين

الكلمة بريس

في أجواء مليئة “بالفخر” و”الاعتزاز”، شارك وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، مساء أمس الخميس بالقصر الكبير في العاصمة الفرنسية، في الافتتاح الرسمي لمهرجان باريس للكتاب 2025، الذي يحتفي بالمغرب كـ”ضيف شرف”.

وأعرب السيد بنسعيد، في كلمة ألقاها إلى جانب وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي ومنظمي هذا الحدث الأدبي البارز، عن اعتزازه الكبير بـ »افتتاح جناح المملكة كضيف شرف في مهرجان باريس للكتاب 2025″، قائلا إنه سعيد « بالقيام بذلك في إطار الصداقة التي تربط بلدينا، وهي صداقة متجددة باستمرار، ومتجذرة، وتتطلع بثقة وطموح نحو المستقبل ».

وأكد الوزير أمام ثلة من الشخصيات المغربية والفرنسية من عوالم الثقافة والإعلام والسياسة والدبلوماسية، يجمعها الالتزام المشترك بتعزيز العلاقات بين البلدين، أن الصداقة بين فرنسا والمغرب، التي تمتد لقرون، « لا تزال تتمتع بقوة المشاعر الفتية، لأنها مبنية على عمق اللغات والذكريات والقصص المشتركة ».

وأضاف الوزير « نحن نتقاسم اختلافاتنا وتعدديتنا التي تعبر، بلغات متعددة، عن الإرادة نفسها في الحوار. وقبل كل شيء، تجمعنا الفرنكوفونية، بكل تنوعها وغناها وتفرعاتها »، مبرزا أن مهرجان باريس للكتاب « أكثر من أي فضاء أو مناسبة أخرى، يجب أن يكرس هذه العلاقة الاستثنائية التي تشكل جسرا بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وبين القارتين الأوروبية والإفريقية ».

وتابع قائلا إن المهرجان، الذي يُنظم هذا العام تحت شعار « البحر »، يشكل فرصة أخرى « لتكريم ذلك العنصر الآخر المشترك بين فرنسا والمغرب: فبلدانا يتمتعان بامتياز نادر يتمثل في الاطلالة على كل من البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي ».

وأردف بالقول « البحر الأبيض المتوسط هو مهد أصولنا وجذورنا وأساطيرنا، والأطلسي هو أفق تطلعاتنا، وأحلامنا، ومستقبلنا الذي تسعى أمتانا إلى بنائه في إطار رؤية واسعة وطموحة ومستدامة ».

وأكد الوزير في هذا الصدد أن المغرب، تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، « انخرط في مسار نهضة مرن وشامل، مفتاحه الثقافة »، انطلاقا من قناعة راسخة مفادها أن « ما يصنع الحضارات أكثر من الموارد الطبيعية أو التدفقات المالية، هو الكفاءات والمخيال والحوار المتواصل للذكريات والسرديات ».

وأضاف أن « المغرب، المتجذر بقوة في محيطه الإفريقي، وفرنسا، بثقافتها ولغتها وخبرتها الثقافية القوية، يمكنهما معا بناء طوباوية أوروإفريقية جديدة، وممر ازدهار من الشمال إلى الجنوب، متجذر في الثقافة والصناعات الثقافية والإبداعية ».

وبحسبه، فإنه في عصر الأتمتة والذكاء الاصطناعي، تعود « الثقافة، التي تُميز الإنسان، لتصبح المصدر الوحيد للإنتاجية والثروة الذي لا يمكن تعويضه، فالثقافة هي الكتاب »، معتبرا أن الصناعات الثقافية والإبداعية، والسينما وألعاب الفيديو والموسيقى والمسرح والتصميم والفنون البصرية، من خلال سعيها وراء جوهر الفنون، أي فن سرد الحكايات، « ستجد دائما في الكتاب المحور الذي تنبع منه كل أشكال الإبداع ».

وفي هذا السياق، حرص السيد بنسعيد على توجيه تحية خاصة للناشرين، ودور الطباعة، والمترجمين، وبائعي الكتب، ولكل المهن المتعددة التي « تصنع هذه المعجزة اليومية التي يُمثلها الكتاب »، والتي نأمل أكثر من أي وقت مضى، أن نضعها في صلب مجتمعاتنا وفضاءاتنا العامة، ولم لا، في قلب جغرافيا سياسية مستقبلية إنسانية وسلمية ».

من جهتها، أشادت السيدة رشيدة داتي باختيار مهرجان باريس للكتاب أن يستضيف بلدا « عزيزا » كضيف شرف، تربطنا به « علاقات قوية: المغرب، مشيرة إلى أن هذه السنة تمثل نقطة انطلاق لـ »طموح متجدد » لهذا الحدث الأدبي الكبير.

وأكدت السيدة داتي أن « هذا الطموح يتمثل في تحويل المعرض إلى مهرجان حقيقي للكتاب، ليصبح احتفالا للمهنيين، والجمهور على حد سواء، الذي يتوافد كل عام بأعداد كبيرة، لاسيما الشباب منهم ».

وأكدت وزيرة الثقافة الفرنسية أنه « انطلاقا من قناعة راسخة بأن الثقافة والقراءة، في هذه الأوقات المضطربة التي نعيشها، تشكلان أدوات ثمينة في خدمة علاقاتنا مع الدول الأجنبية، فإن هذه القيم تقربنا أكثر مما تفرقنا، وتتيح لنا إمكانية الفهم المتبادل، وبالتالي الاحترام المتبادل ».

من جهته، أعرب رئيس النقابة الفرنسية للنشر ورئيس مهرجان كتاب باريس، فانسون مونتاني، عن اعتزازه الكبير بمشاركة « أصدقائنا المغاربة »، ضيوف الشرف في هذه الدورة، احتفاء بالكتاب والأدب، « اللذين ينسجان الروابط ويعززان الحوار ».

وأشار إلى أن المغرب وفرنسا يشتركان في « تاريخ قوي »، ويتقاسمان منذ قرون « حب الشعر، والأدب، والسفر ».

كما ذكر بأن « ما لا يقل عن أربعة مؤلفين مغاربة حصلوا على أرفع الجوائز الأدبية الفرنسية، وهي جائزة غونكور »، ويتعلق الأمر بـ »الطاهر بنجلون، وليلى السليماني، وكذا فؤاد العروي الحاصل على غونكور القصة القصيرة، والشاعر الكبير عبد اللطيف اللعبي، الذي جرى تكريمه عن مجمل أعماله ».

وأضاف أن ما يميز الناشرين في المغرب هو نشرهم للكتب بالعربية، ولكن أيضا بالفرنسية، مما يجعل من المملكة »ركنا أساسيا من أركان الفرنكفونية التي تضم أكثر من 300 مليون شخص عبر العالم »، مشددا على أن « هذه اللغة المشتركة تدعونا إلى التبادل والسفر ».

في السياق ذاته، عبر المدير العام للمهرجان، بيير إيف بيرينجي، عن سعادته بالتعاون « المثمر » مع المغرب في إطار هذه الدورة.

وقال: « نحن فخورون للغاية باستقبال إبداع المغرب الأدبي الزاخر، وكاتباته وكتابه الموهوبين، وفاعليه في مجال النشر، وبشكل أوسع غنى ثقافته، من خلال برمجة تعكس الروح التعددية التي أطلقت هذا العام، عبر هذا العيد للكتاب بجميع تجلياته ».

وفي كلمتها خلال هذا الحدث، أبرزت رئيسة جهة إيل دو فرانس، فاليري بيكريس، أهمية « القراءة كصداقة »، معتبرة أن الاحتفاء بالأدب أمر بديهي لتكريم « الصداقة العميقة » التي تجمع بين فرنسا والمغرب، وهما اليوم مرتبطان بجسور متينة.

وأضافت: « وهذه الجسور هي كتبنا، هم مؤلفونا، هي رسائلنا، وهم أيضا رجالنا ونساؤنا في الساحة السياسية ».

وأشارت إلى أن « البحر هو من يربط بين فرنسا والمغرب »، معتبرة أنه « من دواعي الامتياز أن نرى من ضفافه أعمالا أدبية بارزة ولدت لتثري تراثنا الأدبي ».

وختمت بالقول إن هذا المهرجان « يعد احتفالا حيا بالقراءة، في زمن تظل فيه ركنا أساسيا من أركان الثقافة والمواطنة والتماسك الاجتماعي. وهو ركن ينبغي علينا تعزيزه مهما كان الثمن ».

عقب هذه المراسم، التي جرت بحضور، على الخصوص، سفيرة المغرب في فرنسا، سميرة سيطايل، والسفير الممثل الدائم للمملكة لدى اليونسكو، سمير الدهر، ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ، كريستيان كامبون، دُعي جميع الحاضرين لزيارة الجناح المغربي، الذي تم افتتاحه مباشرة بعد الحفل.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    عاجل