ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.. مسار ملك حكيم طبع بعبقريته تاريخ المغرب المعاصر

الكلمة بريس24 يوليو 2024آخر تحديث :
ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.. مسار ملك حكيم طبع بعبقريته تاريخ المغرب المعاصر

الكلمة بريس

في مثل هذا اليوم 23 يوليوز سنة 1999 توفي الملك الراحل الحسن الثاني رحمة الله عليه، كان يوما مهيبا للمغاربة الذين أصيبوا يومها بالذهول ، والذين ودعوه بعدما ترك بصمته القوية في تاريخ بلدهم المعاصر، خاصة حدث استرجاع الصحراء المغربية.
كان ذلك اليوم الصيفي يوما حزينا للشعب المغربي، الذي ودع فيه قائدا عظيما وعاهلا فذا، عاش تحت حكمه لمدة 38 سنة، قام خلالها بمجهودات جبارة جعلت من بلده وشعبه منارة بين الدول والأمم، فكان على الصعيد الوطني، بانيا ومشيدا، وعلى المستوى الدولي، مدافعا قويا عن العدل والسلام.
لقد إمتد صيت الحسن الثاني أطراف العالم طيلة النصف الثاني من القرن العشرين. ليكسب احترام الزعماء والحكام والشعوب، لما تمتع به من حنكة وحكمة في تجاوز أكثر الأزمات تعقيدا، وفي أصعب الفترات و الأحداث الإقليمية والقارية والعالمية التي عاشها وعايشها.
فشيعه الشعب المغربي ، في جنازة مهيبة، حيث خرج أزيد من مليوني مغربي إلى شوارع العاصمة الرباط، يتقدمهم وارث سره الملك محمد السادس، لوداع عاهلهم الراحل، فكان يوم تجديد العهد والوفاء بين الشعب والعرش على مواصلة الطريق، طريق البناء والتنمية و توطيد أركان المملكة المعطاء.

ملك طبع ببصمته التاريخ الحديث للمغرب

لقد تمكن المغرب، بفضل السياسة الحكيمة التي نهجها الملك الراحل الحسن الثاني، من تحقيق الوحدة الترابية للمملكة، وبناء الدولة وتقوية مؤسساتها.
وبالفعل، فقد طبع الملك الراحل التاريخ الحديث للمغرب من خلال ما حققه من تنمية اقتصادية واجتماعية للمملكة عكستها الإصلاحات العميقة التي باشرها والأوراش الكبرى التي أطلقها حتى أصبح المغرب مضرب المثل كبلد عصري وصاعد استطاع أن يوفق بين الأصالة والمعاصرة، تصورا وممارسة.
وهكذا، قام المغفور له الملك الحسن الثاني، بإرساء المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الحريات العامة وترسيخ حقوق الإنسان وتشجيع الإبداع على المستويات الثقافية والمعمارية والفنية والرياضية.

مبدع المسيرة ومحقق الوحدة الترابية

لم يكن الملك الراحل الحسن الثاني، وراء وضع سياسة تنموية ترتكز على مؤسسات قوية وعصرية وصانع السلم الاجتماعي بالمغرب فقط. بل كان أيضا القائد المحنك الذي استطاع أن يقود بنجاح الأمة في كفاحها السلمي لاستكمال وحدتها الترابية وضمان سيادتها، ولعل حدث المسيرة الخضراء سيظل علامة فارقة في تاريخ المغرب الحديث، والتي حققت استرجاع منطقة الصحراء المغربية،
و تمكنت هذه المسيرة المظفرة من تحقيق أهدافها في زمن قياسي بفضل التعبئة العامة للشعب المغربي الذي استجاب بعفوية وإقبال مكثف لـ “نداء الملك الحسن”، حيث شارك 650 ألف مغربي ومغربية في ملحمة المسيرة الخضراء التي خطط لها الملك الراحل بذكاء استراتيجي وقاد من اعادة منطقة الصحراء المغربية إلى حوزة الوطن

الملك الحسن الثاني وإمارة المؤمنين

لقد كان الملك الحسن الثاني،  قائدا سياسيا محنكا استطاع أن يرسي أسس الدولة المغربية الحديثة، كما كان في ذات الوقت رمزا دينيا، وقائدا روحيا، وأميرا للمؤمنين،  يزكيه نسبه الشريف إلى البيت العلوي، وسعة اطلاعه على أصول الدين الإسلامي ومصادره وعلومه.
فكان  له الفضل في إحياء مجموعة من السنن الحميدة التي دأب عليها المسلمون، ومنها على وجه الخصوص الدروس الحسنية، التي كانت ولا تزال محجا لأقطاب الفكر الإسلامي من جميع الآفاق، ومن كل المشارب،  كما كانت تشكل مناسبة للحوار و للتعريف بالدين الاسلامي المبني على أسس السلام والمحبة والتعايش بين الأديان ونبذ العنف .

الحسن الثاني أحد المؤثرين في التاريخ العربي الحديث

لقد عرف الملك الحسن الثاني على الصعيد الدولي، بمكانته الدبلوماسية، فقد عرف عنه دفاعه المستميت عن الحوار كسبيل ناجع لفض النزاعات وتحقيق السلم والأمن، وهو ما تجلى، بشكل خاص، في النزاع العربي-الإسرائيلي، بصفته رئيسا للجنة القدس، حيث انخرط في ملفات هذا النزاع بكل ثقله، وكان بذلك من بين الزعماء القلائل الذين تمكنوا من القيام بدور هام في دعم القضية الفلسطينية وإنعاش فرص السلام في الشرق الأوسط، فضلا عن التقريب بين الشعوب والحضارات  والديانات.
على الصعيد القاري، تعددت مبادرات الملك الراحل ومساهماته من أجل توحيد القارة الافريقية وتحررها، ومنها على الخصوص جهوده في القارة الإفريقية، من خلال مساهمته في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، التي أصبحت سنة 2002 تحمل اسم الاتحاد الافريقي. ومساهمته الكبيرة في حركة عدم الإنحياز، و ريادته في فتح سبل الحوار والتلاقي بين الشعوب والامم.
الواقع أن المغاربة، وهم يخلدون اليوم ذكرى وفاة هذا الملك العظيم، ليفخرون، وهم يشاهدون ويتابعون جهود وارث سره جلالة الملك محمد السادس، وهو يواصل، ليل نهار، العمل الدؤوب من أجل وضع المغرب على سكة القرن الواحد والعشرين، مع ما يتطلبه ذلك من عصرنة وتحديث، عنوانهما الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالته من شمال المملكة إلى جنوبها، وتعزيز مغربية الصحراء على الساحة الدولية والنهوض بالصحراء وجعلها قاطرة للتنمية الإقليمية والقارية.

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    عاجل