بالوعات الموت: لماذا لا تزال تبتلع الأرواح في شوارعنا؟

الكلمة بريس7 مارس 2025آخر تحديث :
بالوعات الموت: لماذا لا تزال تبتلع الأرواح في شوارعنا؟

أبو سفيان الكابوس

في حادث مأساوي جرى في مدينة بركان، راحت طفلة صغيرة ضحية بالوعة مفتوحة للصرف الصحي، مما أودى بحياتها في ظل تساقطات مطرية غزيرة، هذا الحادث المروع، الذي أسقط قلب المدينة في حالة من الحزن، يعيد فتح ملف البنية التحتية المهملة في بعض مدن المغرب، والتي يبدو أن أصوات المواطنين لا تجد آذانا صاغية لها، والواقع أن هذه الحادثة ليست سوى جزء من سلسلة من الحوادث التي تحدث بسبب البالوعات المكشوفة، والتي تشكل تهديدا مباشرا للسلامة العامة.

يعد هذا الحادث مجرد حلقة جديدة في سلسلة حوادث مأساوية كانت ضحيتها أطفال ومواطنون في العديد من المدن، إذا كانت البالوعات المفتوحة تمثل خطرا واضحا، فإن سرقتها أحيانا يزيد من تفاقم المشكلة، مما يعرض المواطنين لمخاطر جسيمة في كل لحظة، في مدن عدة أصبحت البالوعات مكانا مثاليا للسرقة، حيث يتاجر البعض في أغطيتها كخردة، دون أي اعتبار للتهديدات التي تشكلها هذه التصرفات.
ففي مدن أخرى، مثل القنيطرة والناظور، تكرر حوادث مشابهة، حيث جرفت مياه الأمطار ضحايا في غفلة منهم، بسبب غياب الأغطية أو تلفها ومع ذلك لا نرى أي إجراءات حقيقية على الأرض تضمن سلامة المواطنين، ومن المثير للاهتمام أن دولا أخرى نجحت في منع هذه الظاهرة باستخدام تكنولوجيا متقدمة، مثل أغطية بالوعات غير قابلة للفتح أو السرقة، بينما ما يزال المغرب يراوح مكانه في هذا المجال.

لن يحل هذا الوضع إلا إذا تحمل الجميع مسؤولياته، المسؤولية الأولى تقع على عاتق السلطات المحلية والجهات المسؤولة عن البنية التحتية، والتي ينبغي أن تعزز من إجراءات صيانة البالوعات، وتغلقها بطرق تمنع سرقتها أو تعرضها للخطر، لكن لا يمكن تحميل السلطات وحدها المسؤولية، فالمواطنون أيضا يجب أن يلعبوا دورا في التصدي لهذه الظاهرة، عبر الإبلاغ عن أي حالات سرقة أو خلل، والتعاون مع السلطات المختصة للحفاظ على سلامة البيئة العامة.
وفي سياق متصل، تُظهر بعض التجارب في دول مثل ألمانيا والدنمارك كيف يمكن للبنية التحتية أن تكون أكثر أمانا بفضل استخدام تقنيات مبتكرة تحرص على منع سرقة الأغطية، فلماذا لا نطبق هذه الحلول في مدننا؟

إنّ الحلول الممكنة لهذه المعضلة واضحة، ولا تتطلب سوى إرادة حقيقية وتعاون مشترك.

تأمين الأغطية بشكل محكم، بحيث تكون غير قابلة للفتح أو السرقة بسهولة.

تعزيز الرقابة على شبكات الصرف الصحي لضمان سلامتها وصيانتها المستمرة.

فرض عقوبات صارمة على سرقة الأغطية، لتقليص فرص تكرار الحوادث.

حملات توعية مستمرة للمواطنين حول أهمية الحفاظ على البنية التحتية ومراقبتها.

إن حياة المواطنين، وخاصة الأطفال، يجب أن تكون أولوية لأي دولة، وما يحدث في شوارعنا من إهمال في صيانة البنية التحتية، يعكس ضعفا في التعامل مع قضايا الأمن والسلامة العامة، ولا يجب أن ننتظر حتى نفقد مزيدا من الأرواح كي نتحرك، الحلول متاحة لكن الإرادة السياسية والاهتمام الفعلي هما السبيل إلى تحسين الوضع، إن كل حادثة مماثلة هي جرح جديد في جسم المجتمع، وعلينا أن نتكاتف لإغلاق هذا الجرح بطرق عملية وعاجلة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    عاجل