الكلمة بريس: وكالات
يدخل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي السجن غدا الثلاثاء، ليقضي عقوبة مدتها خمس سنوات، بعد إدانته بالحصول على تمويل غير قانوني من النظام الليبي لحملته الانتخابية عام 2007. ويعد هذا الحدث سابقة في دول الاتحاد الأوروبي، إذ سيكون ساركوزي أول رئيس سابق يودع السجن لقضاء العقوبة فعليا، دون انتظار حكم الاستئناف الذي من المقرر أن يعقد قبل صيف العام المقبل.
من المرتقب أن يُودع ساركوزي في سجن “لا سانتي” بالعاصمة الفرنسية باريس، وتحديداً في قسم الحبس الانفرادي الذي يضم 15 زنزانة، تبلغ مساحة كل واحدة منها تسعة أمتار مربعة. هذا القسم مصمم لعزل السجناء لأسباب تتعلق بسلامتهم أو طبيعة قضاياهم. ويقضي نظام الحبس الانفرادي بتقليص التفاعل مع الآخرين إلى أدنى حد، إذ يسمح للسجين بخروج واحد يومياً إلى ساحة صغيرة، مع إمكانية استخدام قاعات الرياضة أو المكتبة المتوفرة داخل المؤسسة السجنية.
خلال تحركاته داخل السجن، سواء للزيارة أو الفحوص الطبية، سيخضع ساركوزي لمرافقة أمنية فردية وإجراءات تُعرف بـ”الحجب”، وذلك لتفادي أي احتكاك أو تواصل مع سجناء آخرين. كما سيتم اتخاذ تدابير إضافية لضمان سلامته بالنظر إلى مكانته السياسية والاجتماعية.
بعد صدور الحكم في 25 شتنبر، أثار القضاة الجدل حين أمروا بإيداع ساركوزي السجن فورا، مستندين إلى ما وصفوه بـ”خطورة الوقائع الاستثنائية”، رغم أن القانون الفرنسي يتيح عادة تأجيل تنفيذ الحكم في انتظار الاستئناف. ووفق الإجراءات القضائية، لا يمكن إبقاء المتهم رهن الاعتقال إلا إذا كان ذلك ضرورياً لحماية التحقيق، أو منع التأثير على الشهود، أو الحيلولة دون هروبه، أو لتفادي تكرار الفعل الجرمي. وفي غياب هذه المبررات، ينبغي إطلاق سراحه تحت الرقابة القضائية أو الإقامة الجبرية مع سوار إلكتروني، إن اقتضى الأمر.
من جهته، أعلن ساركوزي فور خروجه من المحكمة أنه سيتحمل مسؤولياته، مؤكدا براءته من التهم الموجهة إليه، ومعبراً عن استعداده لقضاء العقوبة، “لكن ورأسه مرفوع”، على حد تعبيره. ويستعد محاموه لتقديم طلب بالإفراج المؤقت فور دخوله السجن، في محاولة للاستفادة من حقه القانوني في الطعن بالحكم.
ساركوزي أصر على نفي أي صلة له بتمويل ليبي لحملته الانتخابية، وشبه نفسه بشخصيات تاريخية أدينت ظلماً، مثل ألفريد دريفوس والبطل الخيالي إدمون دانتيس من رواية “الكونت دي مونت كريستو”. أما ابنه لوي، فقد دعا عبر منصة “إكس” إلى دعم والده صباح الثلاثاء أمام منزله، معبّراً عن تضامنه الكامل معه.
وتعود جذور القضية إلى لقاءات عقدت نهاية عام 2005، بين مساعدين مقربين من ساركوزي، وهما بريس أورتوفو وكلود غيان، مع مسؤولين ليبيين رفيعي المستوى، أبرزهم عبد الله السنوسي، مدير المخابرات الليبية حينها، والذي صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد في فرنسا على خلفية تورطه في تفجير طائرة فرنسية عام 1989 أودى بحياة 170 شخصا، بينهم 54 فرنسياً.
ورغم أن المحكمة لم تؤكد بشكل قاطع أن الأموال الليبية وصلت فعلا إلى حساب حملة ساركوزي، فإنها اعتبرت أن التحقيقات كشفت عن وجود حركة أموال مصدرها ليبيا، كانت موجهة لتمويل تلك الحملة.
وتنتظر محكمة الاستئناف حاليا طلب الإفراج المؤقت الذي تقدم به دفاع ساركوزي، ومن المتوقع البت فيه خلال شهرين، رغم أن الجلسة قد تعقد في وقت أقرب. وفي السياق نفسه، من المقرر النظر في طعن المتهمين الآخرين في القضية، وهما وهيب ناصر وألكسندر جهري، يومي 27 أكتوبر و3 نوفمبر، بعد أكثر من شهر على دخولهما السجن.
عذراً التعليقات مغلقة