البؤس يسعى إلى البقاء.. أما الرفاهية فتفكر في التألّق

الكلمة بريس19 نوفمبر 2025آخر تحديث :
البؤس يسعى إلى البقاء.. أما الرفاهية فتفكر في التألّق

بقلم : أبو سفيان الكابوس

«البؤس يسعى إلى البقاء، أما الرفاهية فلا تفكر إلا في التألّق».. مقولة تختزل فجوة عميقة في التجربة الإنسانية، لكنها لا تعني بالضرورة تقليلا من شأن من يعيشون البؤس، ولا تمجيدا لمن يرفلون في الرفاه.

في واقع اليوم، يعيش ملايين الناس حول العالم في ظروف صعبة، لا لأنهم فشلوا في الطموح أو الاستحقاق، بل لأنهم ولدوا في سياقات لا تتيح سوى النضال من أجل أساسيات الحياة: الغذاء، الدواء، التعليم، الكرامة. البؤس هنا ليس خيارا، بل ظرفا، وفي كثير من الأحيان، تُظهر الطبقات الفقيرة قدرة على التضامن، والصبر، والكرامة في الصمت، لا تقل شأنا عن “التألّق” الظاهري في عالم الرفاه.

أما الرفاهية، فهي ليست ترفا مرفوضا، بل ثمرة عمل وجهد، في أحسن الحالات، أو امتياز غير مستحق في أسوئها، من يعيش في الرفاه، غالبا ما يجد نفسه مهيئا للابتكار، للإبداع، للسفر، ولتحقيق الذات، لكنه أيضا مهدد بالوقوع في فخ النرجسية أو الانفصال عن واقع الناس البسطاء.

ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الكرامة لا ترتبط بالبؤس ولا بالترف، بل بقدرة الإنسان على الحفاظ على قيمه، أياً كانت ظروفه، فكم من فقير غني بروحه، وكم من غني يعاني خواء داخليا لا يُشترى بثمن.

لهذا، لا يجب أن نُشيطن الرفاهية، ولا أن نُر romanticize البؤس كلاهما حالتان إنسانيتان تستدعيان الفهم لا الحكم، والتوازن لا الإقصاء، وحدها العدالة الاجتماعية والفرص المتكافئة يمكن أن تردم الهوة، وتُعلي من شأن الإنسان سواء كان يسعى للبقاء أو يحلق في فضاء التألق.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    عاجل