في عالم يدّعي التحضر والدفاع عن حقوق الإنسان، تقف غزة كجرح نازف في ضمير الإنسانية، وخصوصًا حين تتحول أجساد الأطفال إلى أهداف مشروعة في آلة حرب لا ترحم. لا تكتفي إسرائيل بالقصف والتدمير، بل تنتهج سياسة أشد قسوة: التجويع كأداة إبادة بطيئة، وجريمة ممنهجة لا تقل وحشية عن القصف المباشر.
منذ اندلاع العدوان، لم تميز الصواريخ بين مراكز الإيواء والمستشفيات، ولا بين طفل نائم وهدف عسكري مزعوم. ومع الحصار الخانق، تُمنع المواد الغذائية من الوصول، وتُقصف الشاحنات القليلة التي تحاول التسلل ببعض الأمل. والنتيجة: أطفال يموتون بصمت، لا بفعل القنابل بل بفعل انقطاع الحليب، نقص الماء، غياب الغذاء، وندرة الأدوية.
إن سياسة التجويع ليست عَرَضًا جانبيًا للحرب، بل أداة متعمدة ضمن استراتيجية عقاب جماعي يطال حتى الرُضّع. وهو ما دفع منظمات دولية، وعلى رأسها “أطباء بلا حدود” و”اليونيسيف”، إلى دق ناقوس الخطر، محذّرة من كارثة إنسانية وشيكة، بل جارية بالفعل.
ما يحدث اليوم لا يحتاج فقط إلى إدانة، بل إلى صحوة ضمير عالمي. فصمت العالم، وتواطؤ بعض القوى الكبرى، يمنحان الشرعية لسياسة أصبحت عنوانًا للوحشية في القرن الواحد والعشرين.
هل آن الأوان لأن نُسمّي الأشياء بمسمياتها؟، ما تقوم به إسرائيل بحق أطفال غزة ليس مجرد “عملية عسكرية”، بل سياسة ممنهجة لـ”قتل الطفولة”، تُدار بدمٍ بارد وعلى مرأى من العالم.
عذراً التعليقات مغلقة